إنجازات النقل والخدمات اللوجستية في المملكة- قفزات نوعية ونمو استثنائي

المؤلف: حمود أبو طالب10.03.2025
إنجازات النقل والخدمات اللوجستية في المملكة- قفزات نوعية ونمو استثنائي

أحدثت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 تحولات جذرية في أسلوب العمل الحكومي، وذلك من خلال تضمينها لاستراتيجيات وطنية ذات أهداف سامية، وعلى رأسها الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية التي أطلقها ولي العهد في منتصف عام 2021. هذه الرؤية حولت وزارة النقل، التي كانت تُعرف سابقًا بوزارة المواصلات، إلى وزارة ديناميكية وحيوية تحت مسمى وزارة النقل والخدمات اللوجستية. وبينما يعرف الجميع أهمية قطاع النقل، فإن مفهوم صناعة الخدمات اللوجستية كان غير واضح المعالم قبل إطلاق هذه الاستراتيجية، على الرغم من كونه الركيزة الأساسية للتجارة العالمية، ومساهمته الفعالة في تعزيز اقتصادات الدول وتحفيز قدرتها التنافسية، باعتباره محركًا أساسيًا للقطاعات غير النفطية.

في إطار جهودها للتواصل الفعال مع وسائل الإعلام، بادرت الوزارة مشكورة بتنظيم لقاء هام، بحضور معالي الوزير المهندس صالح الجاسر وكبار المسؤولين في الوزارة، تم خلاله تقديم عرض تفصيلي وشامل للإنجازات المذهلة التي تحققت في قطاعي النقل والخدمات اللوجستية منذ بدء تنفيذ الاستراتيجية. وقد عُزز هذا العرض بالأرقام والإحصائيات الدقيقة والمؤشرات الموثوقة. والحقيقة هي أن هذه الإنجازات تبعث الفخر والاعتزاز في نفوس كل مواطن سعودي، وتؤكد أن التخطيط السليم والعمل الجاد والمتواصل هما السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف مهما بدت طموحة وكبيرة. ونظرًا لضيق المساحة المتاحة هنا، لن نتمكن من استعراض جميع المعلومات الهامة التي قُدمت في اللقاء، وسنكتفي بالإشارة إلى أبرز العناوين التي تؤكد نجاح المملكة في تحقيق قفزة نوعية بصعودها 17 مرتبة في المؤشر اللوجستي الصادر عن البنك الدولي، واستقطابها لأكبر الشركات العالمية المتخصصة في مجال اللوجستيات للاستثمار والإنفاق في هذا القطاع الحيوي. بالإضافة إلى ذلك، قامت المملكة بإطلاق منطقتين لوجستيتين اقتصاديتين خاصتين متميزتين (مدينة جازان للصناعات الأساسية ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية)، وأنشأت 23 مركزًا لوجستيًا متطورًا في مختلف مناطق المملكة، بما في ذلك المنطقة اللوجستية المتكاملة في مطار الرياض.

إن نجاح وتنافسية الخدمات اللوجستية يعتمد بشكل كبير على منظومة النقل المتكاملة، سواء كانت جوية أو بحرية أو برية. ولذا، فإن التقدم الكبير الذي تحقق في هذه القطاعات الحيوية خلال الفترة القصيرة الماضية يعتبر قفزة نوعية بكل المقاييس. فقد حققت حركة النقل الجوي في المملكة نموًا ملحوظًا واستثنائيًا خلال عام 2024، مسجلةً أرقامًا قياسية غير مسبوقة في أعداد المسافرين، حيث تجاوز عددهم 128 مليون مسافر عبر مختلف المطارات في المملكة. كما شهد نطاق الربط الجوي زيادة ملحوظة بنسبة 16%، مما جعل المملكة مرتبطة بأكثر من 170 وجهة حول العالم، تنطلق إليها الرحلات من وإلى المملكة. وفي مجال الشحن الجوي، تم تسجيل نمو استثنائي بنسبة 34%، ليصل إلى أكثر من 1.2 مليون طن خلال العام. نتيجة لذلك، أصبحت المملكة من بين الدول الأسرع نموًا في الربط الجوي وفقًا لتقرير IATA، وتقدمت في ترتيب المؤشر من المركز 24 إلى المركز 18.

وفي قطاع النقل البحري، تمكنت المملكة من رفع تصنيفها الدولي في مناولة أعداد الحاويات، وفقًا لتصنيف لويدز للعام 2024، حيث تم إدراج 3 موانئ سعودية ضمن قائمة أكبر 100 ميناء حول العالم. كما حققت المملكة تقدمًا ملحوظًا في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية للعام 2024، الصادر عن الأونكتاد، حيث ارتفعت من 211.5 إلى 241.8 درجة. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت نسبة استخدام الموانئ في المملكة من 50% إلى 64%. وفيما يتعلق بقطاع الطرق، فقد حققت المملكة إنجازًا عالميًا بحصولها على المركز الأول عالميًا في مؤشر ترابط الطرق، والمرتبة الرابعة على مستوى دول مجموعة العشرين في مؤشر جودة البنية التحتية.

لقد أثبتت الأزمات الدولية المتلاحقة، مثل جائحة كورونا والحروب وأزمة البحر الأحمر، مدى صلابة قطاع النقل والخدمات اللوجستية السعودي وقدرته على مواجهة التحديات. والدليل القاطع على ذلك هو أن صادرات وواردات المملكة لم تتأثر بأزمة البحر الأحمر، بل سجلت ارتفاعًا ملحوظًا في كل من الصادرات والواردات، بمتوسط 9% عبر الموانئ، ومتوسط 30% في الشحن الجوي مقارنة بالعام الذي سبقه.

إن وزارة النقل والخدمات اللوجستية لم تكن لتتمكن من تحقيق هذه الإنجازات الهائلة والمهمة لولا وجود رؤية استراتيجية ثاقبة وطموحة، وفرق عمل مؤهلة تتمتع بروح عالية من الهمة والشغف، ومتابعة دقيقة ودعم سخي من القيادة الرشيدة للوطن، بهدف تمكين المملكة من تبوُّء المكانة الرفيعة التي تستحقها كوطن طموح وقادر على تحقيق كافة تطلعاته.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة